مقالة للكاتبة : د. حنان محمد حياة
لا يكاد يخفى عليك أيها القارئ العزيز شيوع مصطلح ( #تجربة_العميل أو #تجربة_المستخدم أو #تجربة_المستفيد ) في شتّى المجالات كالرعاية الصّحية والتعليم والمال والأعمال والتجارة والمصارف والنقل والطيران وغيرها ، والذي يعود لتنامي الاهتمام العالمي لتكوين تجربة شاملة ومغايرة و سلسة ومرنة للعميل، وخلق ُممارسة ثرية تُسهم في رفع جودة الإنتاج وكفاءة العمل وكسب ثقة العميل بالشكل الذي ينتظره عبر توقّع احتياجاتهم وتقدير ولاءاتهم مما يعكس صورة حسنة عن المنظمة و تعود عليهم بالفائدة, و أود أن ألفت انتباهك عزيزي القارئ بأن هناك فرق بين الألقاب التي ننسبها للتجربة, مصطلح تجربة المستفيد أكثر شمولاً وعمومية من تجربة المستخدم ، مثل تجربة العميل أو المريض أو الحاج ، كما يُفترض.
ومع نهضة التحول الرقمي السريع والقفزات الرشيقة التي تشهدها المملكة في كافّة القطاعات الحكومية والخاصة الربحية منها وغير الربحية ، نجد أن المجال قد اتسع بشكل أكبر للخوض أكثر في مجال تحسين تجربة المستفيد ، سعياً لرسم صورة إيجابية عن هذه القطاعات وتحقيق زيادة لتفاعلات العميل مع العلامة أو الهوية لهذا الكيان ، سيما وأن العميل قد أصبح طرفاً فعالاً قادرا ً على إجراء التقييم وإبداء الرأي وفق منظوره الخاص سواءً من خلال القنوات الرسمية ، أو من خلال استخدام الوسائل الحديثة المتجددة للوصول إلى الجموع والجماهير
وتأسيساً على ذلك أتت فكرة ( #تجربة_الطالب ) والتي نراها قد قطعت أميالاً طويلة في الجامعات الامريكية والبريطانية والاسترالية وغيرها من دول أوروبا وأمريكا استناداُ إلى بعض المقاييس المعتمدة عالمياً لدراسة تجربة الطالب كمقياس:
(Times Higher Education: Student Experience Survey)
(QILT: Student Experience Survey)
بالمقابل فإن تجربة الطالب بالجامعات السعودية ، و بالرغم من عراقة بعضها، لا زالت مستحدثة في بعضها أو غائبة في بعضها الآخر، الأمر الذي يقضي خصوصاً ونحن نستهدف في مقالنا هذا الحديث عن جامعاتنا السعودية إلى ضرورة العناية بفكرة قياس تجربة الطالب لاسيما وأن القطاع التعليمي هو قطاع مهم وعريض ومتين يقدم خدماته لعشرات الآلاف من المستفيدين بمختلف الفئات العمرية
ويمكن إرجاع ضعف استخدام المقاييس العالمية لقياس تجربة الطالب حاليا في الجامعات السعودية إلى تحديات مختلفة، منها ( اختلاف مبادئ الجامعات العالمية عن السعودية أصلاً من حيث معايير استقطاب الطلاب التي تتم ابتداءً عبر مجانية التعليم في الجامعات السعودية على الأغلب ، وتوفير الدعم والمكافآت المادية للطالب أثناء دراسته الجامعية ، وتسهيل فرص الابتعاث وغيرها ) مما ييسّر انضمام الطالب السعودي للجامعة دون عناء، وتسبب في عدم الحاجة لنشوء منافسات بين الجامعات السعودية لإستقطاب الطلاب، علاوةً إلى العوامل الاجتماعية التي أفضت إلى اهتمام الطالب بالبحث عن الجامعة الأقرب للمنطقة التي يقطنها، وبالتالي لم تعد هناك أهمية التسويق للجامعة عن طريق تقديم تجربة أفضل للطالب كما في نظيراتها من الجامعات بالدول الأُخرى التي تعتمد بشكل كبير على المنظور الربحي والكسب من خلال تقديم الخدمات التعليمية بمقابل مادي ، وبالتالي فإن اختيار الطالب لا يقع خبط عشوائي ولكنه يسير على أُسس ومتطلبات منها ( تجربة الطلاب السابقة في الجامعة من شتّى النواحي كجودة التعليم والمادة الأكاديمية، والسكن ، والبيئة المادية للجامعة ، والأنشطة ، والبحث والنشر ، ونسب التوظيف بعد التخرج ) وغيرها الكثير.
الأمر الذي يقضي ويستوجب طرح التساؤل التالي..
وكيفية تحسين وتطوير هذه التجربة؟! و التي تكون أول خطواتها تعيين الأدوات المناسبة للاستقصاء والبحث والاستفسار عن التوقعات الحقيقية للطالب من الجامعات السعودية دون الاعتماد فقط على استبيانات رضا الطالب و التي لا تعكس تفاصيل رغبات الطلاب او منظورهم و توقعاتهم , و من ثم يمكن رسم رحلة الطالب بإستخدام الأدوات المناسبة لجمع المعلومات في كل مرحلة من مراحل الرحلة لإستنباط النقاط التي تؤثر على تجربة الطالب، و الوصول الى نقاط القوة والضعف في التجربة الحالية، و الكشف عن: “نقاط الألم” و “نقاط الالتماس” ورقمنة المهام تسهيلا على الطالب من ناحية وتجويدها وتطويرها و تحسينها من نواح أخرى، مما يعكس صورة بنّاءه عن جامعاتنا بحيث تواكب رؤية المملكة وتضعها في مضمار المنافسة بين الجامعات العربية والعالمية لتصبح منارة تستقطب وتهتدي إليها المواهب المميزة والطلبة المتميزين.