مقالة للكاتب : م. عبيد علي النمشة
محترف تجربة العميل
رئيس شعبة بإدارة تجربة المستفيد – جهة حكومية
Eng. Obaid Al Namshah (CX,MBA)
منذ بزوغ فجر الممارسات المتعلقة بالتجربة في مختلف مجالات ومسارات الأعمال التطبيقية ظهرت الحاجة لقياس التجربة كمياً. وكما هو الحال في وحدات الأعمال في المنظمة يتم قياس أداء الوحدة عبر عمليات كمية تختزل عملياتها ومخرجاتها، ويجري ذلك قطعاً على تجربة المستفيد كوحدة أعمال مناط بها مهمة تحسين و بناء التجربة. غير أن تجربة المستفيد تنفرد بطبيعة عمليات القياس تلك من حيث مصادر البيانات و عمليات الاستقراء و إتخاذ القرارات المتعلقة بمخرجات القياس. حيث تمثل تجربة العملاء محصلة انطباعاتهم ومشاعرهم والإجراءات والخطوات التي عاشوها فترة الإتصال والتعامل مع المنظمة.
تعتبر عمليات القياس بشكل عام عنصر أساسي في نسيج المهام المنوطة بوحدات الأعمال لاستشفاف الآثار والقيم المضافة لممارسات تلك الوحدة ولقياس الأداء والفاعلية وجودة المخرجات و كفاءة العمليات، ويتم ذلك من خلال عملية تحليل بيانات الأعمال وهي ممارسة يتم من خلالها تطبيق مجموعة محددة من التقنيات الحسابية والإجراءات الإحصائية بشكل مستمر ودائم للتحري والبحث في بيانات وحدات الأعمال، ويتم تطبيق ذلك على البيانات السابقة والحالية لوحدة الأعمال على حدٍ سواء، وينتج عن تلك الممارسة عدد من المخرجات ذات الأهمية العالية أبرزها الحصول على رؤى شمولية لسير الأعمال و استشفاف نقاط الضعف والقوة وأخيرا دعم عمليات التحسين وإتخاذ القرارات.
كما ذكرنا آنفا وجود تفرد يميز عمليات قياس التجربة عن بقية وحدات الأعمال من حيث طبيعتها و مصادر بيانات القياس. فبينما يتم قياس عمليات وآداء وحدة الأعمال بناء على البيانات التشغيلية الناجمة عن عمليات الوحدة حصراً؛ تتعامل تجربة العملاء مع بيانات وحدات الأعمال ذات العلاقة بالعملاء كأحد محاور القياس للتجربة ليس إلا، يرافق ذلك محور البيانات الناجمة عبر ممارسات الاستقصاء و حصر التغذية الراجعة من قبل العميل، كما تقوم تجربة العملاء بقياس أثر مخرجاتها على التجربة و مؤشرات الأداء المستمدة من المحورين السابقين.
يمكننا عطفاً على ذلك تصنيف البيانات الخاضعة لعمليات التحليل والقياس إلى فئتين:
وينتج من عملية قياس وتحليل تلك البيانات كلاً من مؤشرات الأداء الرئيسية و مؤشرات الأداء الداعمة. وتعود ملكية المؤشرات الرئيسية إلى وحدة تجربة العميل بالمنظمة, و تتشارك جميع وحدات الأعمال مسؤولية أداء تلك المؤشرات. وتعود ملكية المؤشرات الداعمة إلى وحدة العمل ذات العلاقة, وتشارك تجربة العملاء في عمليات المراقبة والتصحيح.
في عملية قياس و تحليل البيانات الأولية للخروج بمؤشرات الأداء الرئيسية يتعامل محترفي تجربة العميل مع مجموعة من البيانات تتمحور بشكل مباشر حول العميل، ويمكن جدلاً تقسيم البيانات إلى ثلاث مجموعات تحتوي البيانات ذات القواسم المشتركة. المجموعة الأولى تحتوي على البيانات التي تصدر من العميل بشكل مباشر كمشاركات الاستبيانات وعمليات المسح الهاتفية و مجموعات التركيز … إلخ. والمجموعة الثانية تحتوي على بيانات تصدر من العميل بشكل غير مباشر كالسلوك والتصرفات الشائعة والتفضيلات … إلخ. واخيراً مجموعة تتكون بياناتها من خلال ممارسات خاصة من قبل ممثلي تجربة العملاء كالزيارات الخفية و الإختبارات والزيارات الميدانية.
بشكل عام يطلق على مجموعة البيانات الأولى صوت العميل و تعتبر أهم المصادر التي يتم من خلالها قياس التجربة و ومؤشراتها الرئيسية. ويتم قياسها عادة من خلال الأسئلة المباشرة للعملاء عبر قنوات مختلفة سواء كانت رقمية أو هاتفية أو غيرها، ويمكن القول أنه لا يمكن قياس التجربة بالشكل المناسب في حال غيابها أو عدم توفرها، ومن أبرزها على الإطلاق:
1.مؤشر الرضا
ويعتبر أحد أبرز وأشهر المؤشرات التي تستخدم حاليا وينال حيز كبير من اهتمام ذوي المناصب القيادية في المنظمات، يعزى ذلك لسهولة إستيعاب المؤشر وما تقتضيه النتائج التي يعكسها، ويعكس هذا المؤشر الفارق بين توقعات العميل والواقع الذي قدمته له التجربة في تعامله مع المنظمة. ويعتمد مركز أداء مقياس ليكتر لقياس الاستجابات حيث تمثل الإجابات (5,4) العملاء الراضين و (1,2) العملاء غير الراضين.
2. مؤشر الجهد
والذي يعكس بدوره إنطباع العميل حول المجهود الذي بذله للحصول على المنتج أو الخدمة المقدمة. ويعتبر من المؤشرات العالية الأهمية لدوره في عكس رضا العملاء حول كفاءة و فاعلية الإجراءات بالتحديد. وطرحت شركة قارتنار الإستشارية مؤخراً نموذج لقياس يتمثل من سبع خيارات (7-1) بحيث تمثل الإجابات (7-5) رضا العملاء حول المجهود المبذول و (1-3) عدم رضاهم.
3. محصلة الترويج
ويمثل نسبة العملاء الذين يعملون كمروجين و موصين. ويعكس مدى نجاح التجربة المقدمة من قبل المنظمة في اكتسابهم كمصدر للترويج و التوصية بمنتجاتها كعملاء عالي الولاء لها. ويعتمد مركز أداء قياس الاستجابات من 0 حتى 10 حيث تمثل الإجابات (9,10) الموصون و (8,7) المحايدون و (0-6) المنفرون
ويتم قياس ومتابعة بيانات المجموعة الثانية التي تتمحور حول سلوك العملاء وتفضيلاتهم من خلال الخرائط الحرارية التي تعكس معلومات دقيقة حول سلوك العميل مثل ما الذي ينظر له العميل اولاً لحظة دخوله المتجر او مثل ما هي الأيقونة التي يتم الضغط عليها في أول دقيقة للعميل أثناء تصفح المتجر الإلكتروني. والارتباطات الإحصائية بين عملياتهم السابقة مثل طبيعة طلبات الدعم اللاحقة لعمليات الشراء أو أبرز الاستفسارات السابقة لشراء منتج معين بخلاف المنتجات الأخرى. وأيضاً من خلال مراقبة واستقراء السوق و الموجات أو (موضات) التي تبرز من حين لآخر.
ويمكن قياس المجموعة الثالثة التي تتم من خلال فريق تجربة العملاء بالنيابة عن العميل من خلال درجة الامتثال للممارسات والتعليمات المقدمة من قبل فريق تجربة العميل لمقدمي الخدمة أثناء الزيارات الخفية. ويتم إستخدام نسبة نجاح الاختبارات لقياس توافق القيم الموعودة مع واقع التجربة أو الحل التقني المقدم أو إجراءات الخدمة المستحدثة في المنظمة. وأخيراً يتم تقييم القنوات التي يتم من خلالها التواصل بشكل مباشر وحضوري مع العملاء أثناء الزيارة الميدانية وفقاً لقوائم تعد مسبقاً لغرض التقييم من قبل فريق تجربة العملاء.
أما في عملية قياس وتحليل البيانات الثانوية للخروج بمؤشرات الأداء الداعمة يتركز عمل فريق التجربة بالمنظمة حول حصر البيانات التشغيلية مقولبة بمراحل رحلة العميل، حيث يتم قياس:
وعلى أعقاب عمليات القياس والتحليل يقوم فريق تجربة العملاء بتقديم عدد من الحلول والتحسينات التي نتجت عن نقاط ضعف أو خلل تم حصرها. وعليه يجب تحليل الفائدة العائدة من تلك الحلول والتحسينات المقدمة لضمان جودة وكفاءة مخرجات وأداء فريق تجربة العملاء. وابسط الطرق لذلك هي مراقبة نمو أو تقهقر مؤشرات الأداء بنوعيها الرئيسية والدعامة كأداة لتحديد الفائدة العائدة من عمليات التحسين والتطوير للتجربة، حيث تعكس الزيادة والنقص في تلك المؤشرات أثر الحلول المقدمة ومدى فاعليتها حال تطبيقها أو إدراجها ضمن رحلة الخدمة أو المنتج المقدم، ويمكن اختزال القيمة المضافة لتلك التحسينات من خلال مراقبة العوائد المالية للخدمة والمنتجات التي تم العمل عليها.