مقالة للكاتبة : أ. معالي المزروع
Ma’alee Almazrou, MBA, C-KPI®, PMP®, CCXP®
في ظل التحولات الإقتصادية والتنموية والإجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية اليوم وفق التطلعات الطموحة التي نصت عليها رؤية 2030 إضافةً إلى دعم الإتجاه نحو التحول الرقمي و تنمية القطاعين العام والخاص وتطوير الخدمات بشكل مبتكر للمستفيدين، وفي السنوات القليلة الماضية أحدث مفهوم تجربة العميل تغييراً محورياً وساهم في إحداث نقلة نوعية على مستوى القطاعات الخدمية والتجارية وتقديم أفضل التجارب للمستفيدين وذلك بالعمل على توقع احتياجاتهم ، وتصميم تجربتهم ومرافقتهم في جميع مراحل رحلتهم مع المنتج أو الخدمة ، ويُعنى مفهوم تجربة العميل بمدى تفاعل العملاء مع العلامة التجارية قبل التعامل وأثناءه وبعده -بما في ذلك التجارب التقليدية والرقمية- والتي تشمل المواقع الإلكترونية ، و رسائل البريد الإلكتروني والوسائط الاجتماعية والمكالمات الهاتفية وحتى المواقع الفعلية ، وتعكف المؤسسات على الاستثمار في مجال تجربة العميل و نشر مفاهيم اخرى مرتبطة بها مثل ” التمركز حول العميل” و ” صوت العميل” و التي تهدف الى تأسيس علاقة وثيقة مع العملاء و تعزيز التواصل معهم لفهم احتياجاتهم ورغباتهم حول تحسين الخدمات المقدمة لهم والعمل على تطويرها ، و لعبت الجهات الحكومية وقطاع الأعمال دوراً هاماً في تبني اساليب ومنهجيات حديثة ومبتكرة في إدارة تجربة العميل والتي بدورها ساهمت بشكل ملموس في رفع مستوى جودة الخدمات المقدمة وتقديم تجارب سلسة ومريحة.
و قد تضمنت محاور رؤية المملكة 2030 مبدأ تجربة العميل وتمثلت بقطاعات عديدة مثل السياحة، الصحة ، التأمين والإتصالات. و في ظل التنافسية العالية على المستوى العالمي والمحلي في تقديم أفضل الخدمات للعملاء اتجهت الجهات الحكومية منها الوزارات والهيئات والجهات الشبه الحكومية وقطاع الأعمال إلى الإستثمار بمجال تجربة العميل وبناء الكفاءات والقدرات البشرية والاستثمار في تجربة الموظف والبحث عن أفضل الحلول والأدوات التي تُساهم في تحسين رحلة العميل حيث لم تعد تجربة العميل في الوقت الراهن ميزة تنافسية وخيار للشركات بل أصحبت حاجة مُلحة و ركيزة اساسية تستند إليها تلك الجهات في تحقيق أعلى نسبة رضا للمستفيدين عن الخدمات و المنتجات المقدمة لهم، فإن حجم العائد الإستثماري في تجربة العميل كبير وسريع النمو في حال بُنيَ على خطط و استراتيجيات مدروسة ووفق أفضل الممارسات العالمية ، وتشمل فوائد الإستثمار في تجربة العميل رفع كفاءة الأداء المالي لدى الشركات والمؤسسات الحكومية و التي تتثمل بزيادة الإيرادات والمبيعات وكسب شريحة أكبر من العملاء وزيادة ولائهم وارتباطهم مع العلامة التجارية والحفاظ على العملاء الحاليين.
يلعب العميل في الوقت الراهن دوراً أكبر وأوسع مما كان عليه في السابق فهو المحرك الأساسي لضبط عمليات الجودة والشريك الإستراتيجي ومنبع للأفكار الحديثة، فالمؤسسات التي تستمع لصوت العميل بإهتمام و تضعه في قائمة أولوياتها وأهدافها الإستراتيجية يعزز ذلك من ولاءه لها ويساعد في إدارة التوقعات بشكل أكبر مما يُسهم في توفير التكاليف والجهود في التعرف على مواطن القوة والضعف في رحلة العميل بالإضافة إلى تحديد المواضع التي يوجد فيها فرص لتبسيط إجراءات الخدمة وتسهيلها مما يزيد من الكفاءة التشغيلية ورفع من جودة المخرجات، وعلى الصعيد الآخر تقود تجربة العميل إلى تحسين إدارة الأزمات حين تضع المؤسسات آليات محكمة وقنوات موثوقة يُعّبر العملاء من خلالها عن ملاحظاتهم وإقتراحاتهم وتكون موضع اهتمام في معالجتها وتقديم أفضل الحلول لهم فإذن لك يساهم بشكل أو بآخر في الحفاظ على سمعة الشركة ومكانتها و ضمان استمرارية نموها وازدهارها.